لا يوجد إنسان في هذه الحياة لم يمر بعقبات ومحن غيرت مجرى حياته، بل قد يمر البعض بمواقف شديدة تشعره وكأنه لم ولن يرَ السعادةَ وراحةَ البالِ يوماً.
ومن المؤكد أنّ تلك المِحن تركت بصمة في حياة أصحابِها، لكن تلك البصمة تتفاوت من شخص لآخر، فمن الناس من يعترض على قضاء الله وقدره، ويسخط من وضعه ويحول هذا السخط إلى غضب وحقد، يسعد فقط عندما يرى من حوله مهمومين ناقمين مثله، ومنهم من ينغمس في مِحَنه عاجزا ضعيفا مشلول الفكر، ملئ بالتشاؤم والسلبية ليس له أي دور أو تأثير.
ونوع آخر – هو مصدر إلهامي لكتابة تلك الكلمات – يعيش محنته بقوة وصلابة ويواجه ما يتعرض إليه، يحاول الخروج من محنته بأقل الخسائر، لا يتخلى عن مبادئه، لا يبحث عن الأسباب وقت المحنة، بل يطاوع ما هو فيه حتى تمر بسلام، وبعد أن تنقضي محنته، يقف وقفة صريحة وواضحة مع نفسه، يبحث فيها عن تقصيره الذي أوصله لتلك المحنة ثم يبحث عن الأسباب الخارجية، ثم يتخذ القرار المناسب لتلك الأسباب، وقد تكون تلك الأسباب صحيحة وقد تكون خاطئة، فإذا كان تحليله لمحنته صحيحا لن تتكرر تلك المحنة مرة أخرى إلا بسبب جديد، وإذا كان تحليله خاطئ أو ناقص فمن المؤكد أن يقع في نفس المحنة مرة أخرى لكن بطريقة مختلفة وسيبحث عن أسباب أخرى.
فهؤلاء الناس الذين يقفون كثيرا مع أنفسهم ويحولون محنتهم إلى منحة، يخرجون منها بعِبرة أو فائدة، أود أن أقول لهم أن محنتكم وعقباتكم هي “جندي خفي” وراء ما وصلتموه.
فأبرز الشخصيات التي نراها من حولنا هم أناس مروا بمحطات فارقة في حياتهم، منهم من فقد عزيز، ومنهم من فارق أشخاص، وآخرين تبدلت أحوالهم على غرةٍ منهم؛ لكن نظرتهم للمواقف كانت مختلفة، يفكرون في الموقف من جانبهم أولا ثم المحيطين، لا يلقون تقصيرَهم على عاتق أحد، أناس يبحثون عن حلول مميزة لحياتهم قد تصيب أحيانا وقد تخطئ، لكن من المؤكد أن تؤثر تلك الحلول بطريقة مختلفة في مشوارهم.
وفي الختام، أود أن أقول أن كل إنسان، ليس لديه جندي خفي واحد في حياته بل لديه جنود خفية، وجميعها بيده ، فالإنسان الناجح يستطيع أن يخلق لنفسه جنودا خفية كثيرة تكون دافعا له في حياته، يخلقها من كل شئ يتعرض إليه، يكفيه فقط أن يغير نظرته للأمور، وأن يكون صريحا مع نفسِه، وأن يقتنع قناعة تامة بأن ما أصابَه لم يكن ليخطأه وما أخطأه لم يكن ليصيبَه.